الثلاثاء، 24 يونيو 2014

الرياضيون ومشاكل السفـر

       يسافر الرياضيون، من وقت لآخر، إلى اماكن قريبة او بعيدة للاشتراك في بعض المسابقات الرياضية . ورغم انه ليس هناك من تاثير سلبي مهم على الاداء الرياضي نتيجة للسفر الى الاماكن القريبة ، الا ان هذا لا ينطبق على السفر الطويل، الذي تفرضه ضرورات الاشتراك في بعض المباريات القارية والدولية. فمما لا شك فيه ، ان لهذا النوع الاخير تاثيرات سلبية لا يمكن تجاهلها ، على اداء الرياضي كفرد وعلى اداء الفريق كمجموع ، حسب ما تذكره الدراسات العلمية الحديثة .

الارهاق والنوم :

        واذا استثنينا الارهاق الذي يستشعره معظم الناس نتيجة لترحالهم من مكان لآخر ، نجد ان مشكلة اختلاف التوقيت في البلد المضيف قد تكون سببا في الاصابة باضطراب النوم والارق، خاصة في الايام الاولى التالية للوصول، مما يؤدي الى صعوبة الانتظام على جدول التمرين المعتاد . وتزيد شدة هذه المشكلة عند ركوب الطائرة لوجهة بعيدة جغرافيا من ناحية خطوط الطول، لأن الفرق في الوقت يصبح كبيرا جدا ، بما يكفي لاحداث اضطراب واضح في الايقاع الحيوي المعتاد للجسم .

        وقد تترافق الاعراض السابقة مع فقدان الشهية، و اضطراب التركيز ، وهي كلها عوامل قد تتسبب في انخفاض مستوى الاداء البدني المعتاد . و أفضل حل لهذه المشكلة هو الحرص على السفر قبل المباريات بعدة أيام لا عطاء الجسم الفرصة لكي يجد ايقاعه المناسب.

بين الحرارة والبرودة:

        هذا كما تعد مشكلة اختلاف الطقس إحدى المشاكل الاخرى المرافقة للسفر، وهي التي قد تجعل من اللازم احداث تغيير في البرنامج الغذائي للرياضي، كزيادة السوائل به ، عند السفر إلى أحد البلدان الحارة مثلاً ، أو رفع محتواه من السعرات الحرارية عند السفر إلى  البلدان الباردة.

       و تتناسب كميات الماء المفقود من الجسم على هيئة عرق مع درجة حرارة الجو و طول وشدة التمرين ، كما تتناسب ايضا مع طول الجسم و وزنه . وفي المعتاد ، يفقد الجسم حوالى لتر ونصف من الماء كل ساعة ، اثناء ممارسة نشاط عضلي مركز في جو معتدل ، وهي الكمية يلزم تعويضها بتناول السوائل من وقت لآخر، لكي لا ينخفض مستوى ألاداء.

       ويعاني الرياضيين الصغار الذين شارفوا على سن البلوغ ، بشكل خاص، من مشاكل ارتفاع حرارة الجو ، وذلك لعدم قدرة اجسامهم على افراز مقادير مناسبة من العرق اثناء التمرين. ويقلل هذا الأمر من القدرة على التخلص من حرارة الجسم الزائدة بكفاءة ، مما يؤثر سلبا على الاداء الرياضي . ويمكن التقليل من تاثيرات هذه المشكلة ، بالتدرب في إحدى الصالات المغلقة المكيفة لعدة أيام بعد الوصول الى البلد المضيف، ثم الانتقال بعد ذلك الى احدى الصالات المفتوحة، لتسهيل تاقلم الجسم مع الفرق الكبير في درجة حراة الجو بين البلد الام والبلد الذي ستقام فيه المباريات او البطولات.

       و تتفوق اجسام الرجال على النساء في القدرة على التخلص من الحرارة الزائدة ، وذلك بزيادة مستوى افراز العرق ، أو ما نسميه بفقد الحرارة بالتبخير . ورغم ان قدرة اجسام النساء على فقد الحرارة بالتبخير تقل عن تلك التي لدى الرجال ، الا ان ما يعوض هذا عندهن ، هو ارتفاع مستوى اشعاع أجسامهن للحرارة. ولهذا ينصح بأن تكون ألوان الملابس النسائية أقرب ما تكون  الى اللون الابيض اثناء ممارسة الرياضة في البلدان الحارة. اما الرياضيين الرجال فعليهم ارتداء ملابس رياضية مصنوعة من انسجة ذات قدرة عالية على تبخير العرق ، وهي التي توفرها الشركات العالمية المنتجة لملابس الرياضيين.

        ويتسبب انخفاض انتاج المعدة لسوائلها الهاضمة في سهولة الاصابة بجراثيم الامعاء. ويقل انتاج هذه السوائل عند عوز الجسم لبعض العناصر المعدنية المغذية ، نتيجة لكثرة التعرق أثناء ممارسة الرياضة في البلدان الحارة، أو بسبب وجود خلل في النظام الغذائي الذي يتبعه الرياضي . و يمكن الوقاية من هذه المشكلة بمضاعفة كمية السوائل المتناولة وزيادة كمية الملح التي تضاف إلى الطعام، وتناول بعض عصير الليمون والبرتقال كل يوم.

الرياضيون رجال ونساء:

       تتعرض بعض الرياضيات ، عند السفر للخارج ، لمشكلة الزام المدربين لهن بالتمرن في نفس الصالات مع الرياضيين الرجال من نفس مجالاتهن الرياضية . وتلجا بعض الاطقم الرياضية لهذا السلوك، أملا في تخفيف مشاكل التنقل والمتابعة ، هذا بالاضافة الى توفير اماكن التدريب، وتقليل اعداد افراد الاطقم الداعمة للرياضيين . غير أن هذا الحل بالذات قد يخلق مشكلة بذاته، لانه قد يتسبب في اصابة بعض الرياضيات بالقلق والاحباط ، عند مقارنتهن اقصى النتائج التي يصلن اليها مع تلك التي يحققها زملائهن من الرجال المشاركين لهن التدريب في نفس الصالات. وقد يؤدي هذا الأمر الى تهور بعض الرياضيات ، وقيامهن برفع شدة التمرينات الى مستويات أعلى من المناسب لهن، وهو الأمر الذي لايؤدي في العادة الى التساوي في النتائج مع الرجال، بل لزيادة احتمال التعرض للاصابات الرياضية.

        هذا ومن من المعروف علميا ، عدم قدرة افضل الرياضيات على تحقيق نفس نتائج افضل الرياضيين من الرجال، نتيجة لاسباب بيولوجية قاهرة، خاصة عند ممارسة انواع الرياضة التي تحتاج الى مستوى عالي من القدرة على التحمل.

أكل غير معتاد:

       يؤكد العديد من الرياضيين المخضرمين ، أن عدم توفر الاكل المعهود هو أحد المشاكل الكبرى التي تواجههم عند السفر إلى البلدان البعيدة، التي لا تشترك مع بلدانهم في موروثها الثقافي. ويتجنب الرياضيين المحترفين هذه المشكلة، بأخذ مقادير كافية من مكونات الأطعمة التي تدخل في جدول طعامهم ، معهم عند السفر. و رغم أن هذه المكونات قد تتوفر في البلد المضيف، إلا أن الحصول عليها قد يتطلب عناء البحث وفقدان الوقت، بالاضافة الى انها قد لا تكون في آخر المطاف بنفس الجودة والخواص التي تعود عليها الرياضي في بلده الام.

السفر و الامراض المعدية:

       نشرت في السنوات الاخيرة مجموعة كثيرة من الدراسات التي تفيد بتعرض الرياضيين للاصابة بالأمراض المعدية ، و ذلك بشكل يتجاوز ما هو متوقع عند غير الرياضيين. وتزيد المشكلة بالذات عند من يمارسون رياضات التحمل ، أو الرياضات التي تحتاج الى درجة عالية من القدرة على التحمل . ويسهل تعرض الرياضيين للاصابة ايضا ، تواجدهم في اماكن مزدحمة في الغالب ،  بالاضافة الى كثرة تعرضهم للاحتكاك الجسدي القريب عند التدريب او ممارسة الرياضة. ويضاف الى هذه العوامل ، كثرة السفر ، التي تعرضهم للاحتكاك بمسببات أمراض تنتشر في اماكن خاصة ، و أوطان اخرى سواء بشكل عابر أو مقصود .

       هذا ويشكل تدني نظافة المياه العامة ، و الأكل المعروض للبيع في بعض البلدان مشكلة اخرى ، قد يتسبب عدم المبالاة بها، في الاصابة باضطراب المعدة والامعاء والاسهال، وهى كلها امور كارثية على الاداء الرياضي. وقد تظهرالاعراض السابقة بعد شرب المياه الغير مغلية، التي قد تحتوي على جراثيم لم تتعود عليها اجسام الرياضيين من قبل . كما قد يكون السبب تناول بعض أكلات البلد المضيف التي يدخل في اعدادها الكثير من الدهون أو بعض المركبات والتوابل و النباتات الغير معتادة .

      ولهذه الاسباب يجب على الرياضيين، مقاومة الرغبة في تناول الأطعمة والحلويات التي تباع في الاماكن العامة، و على جوانب الطرقات،  والمشروبات المبردة بقطع الثلج والايس كريم و المياه الغير مغلية. كما يجب عليهم عدم تناول الخضراوات أو الفاكهة التي لم تغسل جيدا و تلك التي لم يجربوها من قبل، أو لم يعتادوا على تناولها.

      و ينصح بتناول الشاي الاسود القليل الحلاوة مع إضافة القليل من الملح إليه، عند الاصابة باضطرابات المعدة أو الاسهال. هذا ويعد تناول الخبز المجفف من أفضل الوصفات الشعبية ، التي يمكن اللجوء اليها حتى تعافي المعدة والامعاء قليلا. ورغم إنه من الممكن تناول بعض الارز المسلوق في الماء، بدلاً من الخبز المجفف، إلا انه يلزم تجنب تناول الأرز المسلوق في الحليب أو اللبن. وبالطبع يلزم اللجوء لمشورة الطبيب، إذا كانت الأعراض شديدة، غير أن الوقاية تبقى دائما أفضل من العلاج ، وهو ما يعني التدقيق في النظافة، والحذر من تناول ما لا يعرف وما لم يجرب من قبل.

__________________________________________________
Copyright© 2004 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
 حقوق النشر محفوظة © 2004 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق