جاء
في مقال ( الخطوات الأولي في الأكل الصحي ) ، المنشور في العدد 548 يوليو
2004 من مجلة العربي مايقود إلى الاعتقاد
بان الإنسان نباتي في الأصل ، حيث كتب المؤلف: " وقد خلق الله الإنسان
نباتيا. تأمل في أسنانه وأدوات الهضم عنده وتركيبته الإنسانية الجسمانية . فهو
يختلف عن أكلي اللحوم مثل الأسد والنمر والذئب والكلاب وغيرها..... ".
والحقيقة أن الإنسان كائن مجهز في الأساس بالقدرة على تناول الطعام النباتي والحيواني
كلاهما. واختلاف الخصائص الجسمانية بين البشر والأسود ، ليس دليلا على عدم قدرة
البشر - أصلا -
علي تناول الطعام الحيواني مثل اللحم ، كما أن اختلاف خصائص البشر الجسمانية تلك
عن التي تتميز بها الحيوانات آكلة النباتات لا تمنعهم من التغذي على الأغذية
النباتية.
أما عادة
طهي اللحم قبل تناوله، فلا ترجع إلي عدم قدرتنا ، نحن البشر، علی تناول اللحم
النيئ - كما يأتي في المقال - بل تفصح فقط عن إتباعنا مسلك أسلافنا، الذين اكتشفوا أن اللحم
المطهو أسهل هضما وأطيب مذاقا من اللحم النيئ . ولنفس السبب نفضل طهي الكثير من مصادر
الغذاء النباتية بدلا من مضغها نيئة مثلما
تفعل الخراف. وبالطبع لا يمنع هذا البعض
من تناول اللحوم النيئة ، حيث نجد أن عددا من الأطباق المفضلة عند بعض الشعوب
تتكون أساسا من اللحم النيئ ، مثل " الكبة النيئة " في بلاد الشام و أكلة " التتار " عند
الشعوب السلافية . أما اليابانيون والاسكيمو فيجدون في تناول بعض الأسماك النيئة ،
مثل لحم الحوت القاسي، إحدى اللذائذ الغذائية التي تصعب مقاومتها.
وتكشف
لنا سطور المقال ، عن تأثر كاتبه بالنظريات التي يكثر سماعها من قبل مروجي "
التغذية التفريقية" ، وهي احدى أنواع التغذية النباتية اللانمطية ( Atypical Vegetarians) . ونستدل علي هذا من تكرار النصح بعدم تناول الأكلات التي تحتوي
على البروتين مع تلك التي تحتوي علی النشا ( مادة كربوهيدراتية ) لان من شانهما-
حسب ما يذكر المقال - أن يتصارعا في الجسم
عند الهضم . والحقيقة أن هذا الكلام غير صحيح علميا. وقد خلق الإنسان لكي تكون
أولى وجباته من غذاء غير نباتي هو حليب الأم ، الذي يتكون من مخلوط البروتين ( 1.2
% ) والمواد الكربوهيدراتية ( 7.1 % ) والدهون ( 4 % )، وهو خليط لا يمكن لأي
كان أن يعتبره ضارا. ولقد كانت الأغذية المخلوطة عماد غذاء البشر طوال تاريخهم
المحفوظ دون أن يتسبب ذلك في أية مشكلة . وفي الواقع فحتی المنتجات التي يقال عنها
انها نشوية مثل الأرز والقمح والبطاطس تحتوي في تركيبها على نسبة من البروتين
المخلوط مع المواد الكربوهيدراتية ( النشوية ) بشكل طبيعي . فالأرز ودقيق القمح و البطاطس تحتوي في تركيبها من
البروتين مايقدر بحوالي 6.8 % ، 9.8 % و 2
% علی التوالي.
ولقد
ظهرت أولى أنواع التغذية النباتية اللانمطية ، التي كثيرا ما نسمع عنها اليوم في
برامج التلفاز والمجلات الغير متخصصة، كتحوير للتغذية النباتية التي تمارسها بعض
الشعوب الآسيوية منذ آلاف السنين، استجابة لمعتقدات فلسفية و روحية وليس إتباعا
لنتائج تجارب علمية تجريبية. ومن اشهر هذه الأنواع طريقة هياشي التفريقية و طريقة
الماكروبيوتيك ، و طريقة التغذية الكاملة. والقاعدة الأساسية التي تعتمدها طريقة هياشي التفريقية هي تجنب تناول المواد النشوية والمواد
البروتينية مع بعض في نفس الوقت أو الوجبة،
وهو السبب خلف تسميتها بالتفريقية.أما طريقة الماكروبيوتيك فتقوم علي بعض
الممارسات الغذائية التي عرفت منذ قرون في اليابان والشرق الأقصى، وهي الطريقة
التي نستشف تعاليمها فيما تدعوا له السيدة " مريم نور" في برنامجها الذي يبث على التلفاز . وتقوم هذه الطريقة في
التغذية أساسا، علی تناول الحبوب الكاملة والبقول وبعض أنواع الفطر ، كوسيلة
للحصول على الصحة وللعلاج من المرض. وقد ابتدع هذه الطريقة طبيبان يابانيان هاجرا إلى فرنسا في العشرينيات من
القرن الماضي .أما طريقة التغذية الكاملة فقد ابتدعها الطبيب " فيرنر كولات " (Werner Kollath) سنة 1942.
وتقوم فكرة التغذية الكاملة على اعتقاد فلسفي بحت، يقول بان الكل هو أكثر من مجموع الأجزاء، بمعني إن فائدة التفاحة الطازجة هي أكثر من مجموع فوائد كل مكوناتها إذا تم تناول كل من هذه المكونات على حده.
وتقوم فكرة التغذية الكاملة على اعتقاد فلسفي بحت، يقول بان الكل هو أكثر من مجموع الأجزاء، بمعني إن فائدة التفاحة الطازجة هي أكثر من مجموع فوائد كل مكوناتها إذا تم تناول كل من هذه المكونات على حده.
ويلتزم ممارسو هذا النمط الغذائي بتناول المصادر الغذائية الطبيعية التي أنتجت في مزارع تقليدية ولم تعالج
بالكيماويات كما يحرصون على تناول نصف طعامهم اليومي من مصادره النيئة.
د. أحمد عبد السلام بن طاهر
أستشاري بقسم الأمراض الباطنة والروماتيزم في مستشفى أويرباخ في المانيا، ورئيس منتدب لقسم أمراض الروماتيزم بمستشفى "قريف" في بولندا، سابقا.
شارك في تأليف مرجع الروماتيزم الألماني الصادر سنة 2001 و 2008
متحصل على شهادة البورد وعلى شهادة الدكتوراة .PhD في طب الروماتيزم
استشاري أول طب الروماتيزم . سنة الحصول على درجة التخصص 1990
متحصل على شهادة البكارليوس في الطب والجراحة عام 1984م.
للاستشارات عن طريق الواتس اب : 0928665810 (ليبيا)
الايميل: alregwa@gmail.com
Copyright© 2014 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
حقوق النشر محفوظة © 2014 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق