الأربعاء، 25 يونيو 2014

رياضة الكسالى!


          نسمع كلنا عن فوائد الرياضة، ورغم هذا لا يهتم إلا بعضنا فقط بممارسة القدر الكافي منها، سواء أكان ذلك للمحافظة على اللياقة و ابطاء أثار الشيخوخة، أو كتكملة للعلاج الدوائي . والقدر الكافي الذي يعنيه خبراء الرياضة، هو ممارسة الرياضة بشدة متوسطة لمدة 30 إلي 60 دقيقة، عدة مرات في الاسبوع، وهو ما اتفقت عليه معظم الدراسات العلمية حتى وقت قريب. 

         وتتعدد الحجج التي يسوقها الاصحاء والمرضي، لتبرير عدم مزاولتهم للرياضة، إلا انه يمكن، بشكل أو بآخر الالتفاف حول أغلبها بسهولة نسبية، باستثناء مشكلة عدم توفر الوقت. ففي عالمنا المعاصر، لم يعد من اليسير تخصيص عدة ساعات لممارسة الرياضة بشكل منتظم اسبوعيا ، ناهيك عن تحمل الملل الذي قد يرافق مثل هذا الروتين .
و لحسن الحظ، أخذت دراستان حديثتان على عاتقهما دراسة هذه المشكلة، وجاءتا بنتائج من الممكن أن يكون لها تاثير ثوري على الحالة الصحية، لملايين الكسالى وفقراء الوقت في العالم أجمع. وملخص ما توصلت اليه الدراستان، أنه من الممكن أن يكون لنتائج 6 دقائق من التدريبات الرياضية القصيرة المكثفة للغاية أسبوعيا، تأثيرا نافعا يماثل ذاك الذي ينتج عن ممارسة التدريبات المتوسطة الشدة عدة ساعات في الاسبوع.

الوقت ليس عذراً !

          في الدراسة الأولي التي أجريت في جامعة ماك ماستر الكندية و نشرت سنة 2005 بدورية الفيزيولوجيا التطبيقية ( Journal of Applied Physiology )، قاس باحثون بقيادة الاستاذ المساعد مارتن جيبالا ( Martin Gibala ) لياقة 23 شخصا تراوحت اعمارهم بين 25-35 سنة ، وهم كلهم من المداومين علي ممارسة الرياضة. بعد ذلك ، تم تقسيم المشتركين إلى ثلاثة مجموعات، لتنتظم كل منها علي برنامج رياضي مختلف على دراجة قياس الاداء البدني، لمدة ثلاثة ايام في الاسبوع.

          وطبقا لهذا ، تمرن افراد المجموعة الاولي بسرعة مريحة لمدة ساعتين يوميا. أما من هم في المجموعة الثانية، فمارسوا الرياضة لمدة دقيقة واحدة عشرة مرات متتالية يوميا بسرعة متوسطة. وبخلاف المجموعتين السابقتين ، تمرن افراد المجموعة الثالثة باقصي سرعة ممكنة لمدة نصف دقيقة اربعة مرات ، مع الراحة لمدة 4 دقائق بين كل تمرين ، أي باجمالي 6 دقائق من التمرين المكثف جدا اسبوعيا، وهو ما يطلق عليه اسم "التمرين الخاطف المتقطع ".

          وبعد انتهاء الدراسة التي دامت اسبوعين، اتضح للباحثين تحسن نتائج تحاليل اللياقة المخبرية لكل المشاركين، وليس هذا فحسب بل تمكن الرياضيون، من ممارسة تمرين معين لمدة 51 دقيقة كاملة أ
يضا ، وهو نفس التمرين الذي لم يكونوا قادرين على ممارسته عند بدء الدراسة إلا لحوالي 26 دقيقة فقط..

النتيجة الغير متوقعة

        وفي الواقع، توقع الخبراء أن تتحسن اللياقة البدنية لكل المشتركين. غير أن الدراسة جاءت بمفاجأة فاقت توقعاتهم، حيث تحصل أفراد المجموعة الثالثة علي لياقة تماثل تلك التي تحصل عليها افراد المجموعة الأولي الذين أنفقوا في التمرين الساعات الطوال. وكما ذكر الاستاذ " جيبالا " ، فقد أدت التدريبات االمكثفة للغاية لمدة دقيقتين يوميا إلي تحسن الحالة الصحية للعضلات واللياقة العامة للجسم بما يقارن بنتائج عدة اسابيع من ممارسة التدريبات الرياضية بالطرق التقليدية، وهو ما يجعل هذا النوع من التمرين حلاً جديداُ لمن لا يتوفر لهم الوقت للحصول على اللياقة البدنية.

        غير أن الدراسة السابقة لم تقارن نتائج التمرين الخاطف المتقطع بتلك التي تنتج عن ممارسة التمارين الخاصة بزيادة القدرة على التحمل. ولهذا أنجز نفس الفريق دراسة أخري نشرتها دورية الفيزيولوجيا ( Journal of Physiology ) أواخر العام 2006 ، قارن فيها بطريقة اختبارية نتائج التمارين الخاطفة المتقطعة مع نتائج تمارين التحمل التقليدية التي تتطلب الكثير من الوقت . وقد ذهل الفريق هذه المرة أيضا ، من درجة تشابه التحسن في حالة العضلات والاداء البدني التي أدت اليه الطريقتان المختلفتان.

الشروط والحدود


         ستلزم نظام التمرين الخاطف المتقطع، أي التدريبات القصيرة بأقصي سرعة ممكنة، توفر لياقة جسمانية مناسبة، كما يحتاج إلي درجة مرتفعة من الحماس غير أنه يكافئ المخلصين، بالحصول والمحافظة على لياقة مرتفعة في أقصر وقت ممكن. ولهذا لا يصلح هذا النظام للأشخاص منخفضي اللياقة الجسمانية، إلا بعد وصولهم إلي مستوى مناسب من اللياقة البدنية نتيجة ممارسة الرياضة بالطرق التقليدية ( 20 -30 دقيقة ، 3 - 5 مرات في الاسبوع ) . هذا كما لا تفيد التمرينات الخاطفة المتقطعة كوسيلة لتخفيض الوزن، لانها لا تؤدي إلى حرق كميات كبيرة من السعرات الحرارية مثلما هو الحال في ممارسة الرياضة بطرق التمرن التقليدية.

___________________________________________________
 Copyright© 2014 by Ahmed Abdulsalam Ben Taher
 حقوق النشر محفوظة © 2014 للمؤلف أحمد عبد السلام بن طاهر

مصادر المقال للاطباء :
1 . Burgomaster KA, Hughes SC, Heigenhauser GJF, Bradwell SN & Gibala MJ. Six sessions of sprint interval training increases muscle oxidative potential and cycle endurance capacity in humans.. J Appl Physiol (2005) 98: pp. 1985-1990.


2 . Gibala MJ, Little JP, van Essen M, Wilkin GP, Burgomaster KA, Safdar A, Raha S & Tarnopolsky MA. Short-term sprint interval versus traditional endurance training: similar initial adaptations in human skeletal muscle and exercise performance.. J Physiol (2006) 575: pp. 901-911.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق